بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
*إسمه ونسبه:*
هو الشريف العفيف النسيب الطاهر الأريب سليل دوحة الأطهار وخليفة النبي طه المختار صلى الله عليه وآله وسلم، حضرة الشيخ المربي تاج أهل العرفان المتحقق بأوصاف العبودية ومجلى نور الحضرة الإلهية الدال على الله بالحال والمقال صاحب الكشوفات الباهرة والكرامات الساطعة، المحلق نجمه في سماء الحقيقة والراسخة قدمه في جذور الشريعة، الوارث المحمدي والسر الصرمدي سيدي رزقي كمال الشرقاوي رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
*ولادته ونشأته:*
وقد هل هلال مولده وسطع نور طلعته في حضرة دنيا ربه سبحانه وتعالى، في يَوْمٍ قال فيه جده المصطفى خير الأنام “خيرُ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خُلِق آدم، وفيه أُهبِط، وفيه تِيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة”، جمعة الخير والخيرات مهبط السر والأنوار، 13 جمادى الآخر, 1425 لهجرة جده المصطفى صلى الله عليه واله وسلم، الموافق ل2004 من ميلاد عيسى المسيح عليه السلام، بمدينة وجدة المغربية الأثيلة المشهورة بالكفاح والسلاح والدَّود عن مقدسات وثوابت الأمة، فقضى بها مدة قصيرة وإنتقل مباشرة إلى العاصمة الإقتصادية للمملكة الشريفة إلى بيضاء الخير والعرفان، وفيها درس وتمدرس وتلقى تعلمية الأولي والإعدادي والثانوي إلى أن حصل على شهادة الباكالوريا الوطنية شعبة الآداب والعلوم الإنسانية، وفي أوساطه العائلية شهدوا له بكرامات وخوارق عادات لا تُعَدُّ ولا تحصى من بينها أنه هجر الخلق أجمعين في سنة الباكالوريا وإختلى في خلوته ذاكرا لربه حتى أنه كان عديم الحضور في صفوف مؤسسته التعليمية، ومع نهاية مدة خلوته التي قضى فيها أكثر من أربعة أشهر وحان وقت الإمتحان الدنيوي فتح الله عليه من الفتح العظيم وأدرك ما يدركه العوام سنة كاملة في مدة لا تتجاوز الثلاث أيام، وحصل على الشهادة بميزة مشرفة، بعدما كان نجاحه في أوساط حديث عائلته الشريفة شيئ ميئوس منه وإذا تم ذلك فهو معجزة من الرحمن.
وقد إشتهر سيدنا الشيخ منذ صغر سنه ونعومة أظافره بفطنة ودهاء كبيرين يفوقان سنه مع نور عظيم ساري في كينونته يلاحظه القريب والبعيد وكرامات تلاحظ فيه من طرف من يرافقه من أهله وذويه، وشدة إنجداب الغير له رضي الله تعالى عنه وتيسير أمور من أفاض النية فيه.
وخير ما نختم به باب ولادته ونشأته هي إشارات ظهوره قبل مولده رضي الله تعالى عنه، فقد عرف الصالحون منذ القدم أن أولياء الله لهم علامات وكرامات، قبل الظهور بالوصل، فكان بعد أن انقطع أمل الثمار(الولادة)، من رحم للا نعيمة سليلة الشرفاء والأولياء جاءت البشارة بزيارة سيدي زويتينة ليكون الوصل بين مولاي(سيدي رزقي الشرقاوي) والأولياء قبل أن يتشكل، فحملت به رضي الله عنه.
*سَيْرَهُ في طريق القوم:*
بعد أن أدرك سيدي رزقي كمال الشرقاوي وجوده الوهبي في بحر الحقيقة في سن مبكرٍ وعرف أنه لا وصول بلا إتصال ولا إتصال بلا شيخ عارف بالله سبحانه وتعالى، سار باحثا عن شيخ يسلكه مَسلك العارفين الأخيار ويوصله إلى بر النجاة بعد المناجاة،كما جاء على لسان الفقيه الموحد عبد الواحد بن عاشر:
يَصْحَبُ شَيْخَاً عَارِفَ المَسَالِكْ *** يَـقِـــيهِ في طَرِيقِهِ المَهَالِكْ
يُـــــــــــــذَكِّـرُهُ اللهَ إِذَا رَآهُ *** وَيُوصِــلُ العَبْدَ إلى مَوْلَاهُ
فإتبع ورد جده وأخد عليه أخدًا روحيا لا جسديا حيث أن جده كان منتقلا من دار الفناء إلى دار الخلد والبقاء، فكان أخده عن عارف وقته سيدي مولاي المكي القادري بودشيش، العالم العلامة بحر الفهامة المتوفي سنة ١٩٣٦ والذي يتواجد مرقده بضريحه، بقرية نواحي مدينة بركان، بن مولاي المختار بودشيش، وبعد أن تحقق له ما تحقق من إتباع طريقة جده وأسلافه المُنَعَّمين، أخذ عن الشيخ العارف بالله ذرة وجوهرة قومه سيدي عبيد الله والد الشيخ سيدي الجنيد وهو شيخ الطريقة القادرية العلية من أصول شامية القائل فيها جده المصطفى صلى الله عليه واله وسلم:
(طوبى للشامِ، إنَّ الرحمنَ لباسطٌ رحمتُه عليهِ)، وبعد أن نهل من الأنوار القادرية وحاز الرتبة العلية بطابع خير البشرية، جاء الإذن من الحضرة الإلهية وأجيز من حضرة مشايخه بتربية المريدين وتلقين الأوراد وتعيينها، ولم يكتفي رضي الله عنه بذلك الفتح ولم يصدع بما أمر حتى تكون له رشفات من أبحر جميع الطرق السنية الصوفية فأخد حينها عن شيخ الطريقة التيجانية العارف بالله الواصل الموصل لحضرة الحق مولاي عبد الواحد أكنوض أحد أكابر علماء سوس وهو الذي تنبأ له أن طريقته سيكون لها صيت عظيم في كل أرجاء الكون، وفي مسك ختام نهله شرب من الشجرة اليانعة والبركة الوافرة والدار الجليلة من جده مؤسس وشيخ الطريقة الشرقاوية العلية مهبط الأنوار القدوسية المخصوصة بالتميز على غيرها من الديار بالفيض على حفيد شيخها سيدي المعطى بن صالح بالخط بقلم الولاية أعظم كتاب في تاريخ الأمة الإسلامية في الصلاة على نور البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب “ذخيرة المحتاج في الصلاة على صاحب اللواء والتاج”، وهنا في هاته النقطة الأزلية السرمدية ومن باطن هذه الفيوضات شعشع نور الطريقة الشرقاوية القادرية المباركة لشيخها ومرشدها سيدي ومولاي رزقي كمال الشرقاوي حفظه الله تعالى، فجدد معالمها ويسر سيرها على العامة وأسهر سرها بما يوافق العصر إذ أن “الصوفي بن وقته”، فكان أخذ الشيخ مولاي رزقي الشرقاوي واصلا موصلا بين مشارق الأرض ومغاربها معطرا مباركا بمسك الأرواح المباركة الحية الميتة إنما يفنى الجسد وتبقى الروح خالدة تبث أسرارها في المريدين المحبين.
*صفاته وأخلاقه*:
لعل خير ما أصف به أخلاق هذا الرجل العظيم والإمام الجليل هو ما قاله جده المصطفى صلى الله عليه وسلم في حق الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه:”أشبَهْتَ خَلقي وخُلُقي”، إذ أنه رضي الله عنه كان محمديا في أخلاقه على نهج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
فإن من سيماته التواضع غاية التواضع فنراه يجالس الفقير قبل الغني والمريض قبل المعافى، ومن بين صور تواضعه الراسخة في أذهاننا أنه زار إحدى المرات زاوية من زوايا الدار البيضاء، فجلس في آخر الصف يذكر الله لولا أن قدمه إلى الأمام أحد من القيمين على تلك الزاوية بعد أن عرفه وقال له يا سيدي أنت مكانك ليس هنا بل في مقدمة المجلس فأجابه قائلا “لا والله مكاني ها هنا عند نعال الذاكرين”، وفي نفس اليوم بنفس المجلس في نهايته، إجتمع عليه فقراء تلك الزاوية لإلتقاط صورة تذكارية معه إلا أنه لاحظ أنهم أهملوا شخصا كان ذو إعاقة، فذهب إليه فجلس على ركبتيه يحدثه وأمر بمصور فإلتقط له معه صورة فجبر بخاطره، وبادره القول باللهجة العامية “دعي معنا”، وإنصرف.
وأنه من كمال خلقه أنه رضي الله عنه تراه حليما صبورا عند مواقف إذايته داعيا للمؤذي له بالرحمة والمغفرة، ويقول ما قال جده:”اللهم إغفر لقومي فانهم لا يعلمون”، وهذا من شديد تسننه بما كان عليه جده المرتضى من أقوال وأفعال إذ لا يخلوا قول ولافعل إلا وتجد رائحة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيه، ومن تجليات ذلك أنه في إحدى اللقاءات الإعلامية طلع عليه في بعض الاتصالات من ينكر عليه ويسبه ويقذفه بأبشع الألفاض، فنجده لا يجيبهم إلا بأكرمكم الله أعزكم الله بالدعاء لهم ظاهرا عليه غيابه في الحضرة العلية الربانية حتى أنه لا يرى فيهم إلا تجلي مرآة أنفسهم فمن كرمه يبادلهم بالدعاء لعل الله يفجر من قلوبهم نورا.
تربيته وطريقته:
إنه من الصعب تحليل منهج وطريقة إرشاد وتربية سيدنا الشيخ قدس الله سره لأنها تختلف بين مريد وآخر على حسب مدى إدراك كل واحد منهم، إلا أنه يمكنني الجزم على أن شيخنا رضي الله تعالى عنه جمع ما بين مقام شيخ التربية وشيخ الترقية، إذ أنه بمجرد مبايعته والدخول في حضنه والإمتثال لتوجيهاته من مواصلة الاوراد وما يأتي من كلامه في مجلس إرشاده، تظهر عليك آثار تربيته، فتتغير أحوالك وتسمو أقوالك، وتنمو معارفك، ويصبح باطنك مملوءا بالحقيقة، وظاهرك مقتد بالشريعة، لنعلم علم القيم أنه من أهل التجديد وليس التقليد.
إذ أن طريقته رضي الله تعالى عنه كما سنها وبين أصولها في كتابه “زاد المريد للسلوك في الطريقة الشرقاوية القادرية”، تبتدأ بالمجاهدة أي مجاهدة النفس وهواها، قال تعالى:(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا).
والآداب الذي وصفها رضي الله تعالى عنه أنها باب الوصول قائلا “فلا وصول بلا آداب”، سواء أثناء الذكر قبله أو بعده، مع الشيخ ومع المريدين، فهناك آداب ظاهرة وباطنة سطرها الشيخ في كتابه ليتحقق المريد بمقام العبودية، وينتقل بعدها إلى مرحلة الشهود ليرى ما لا يراه الناظرين من فتوحات وكرامات تأتي بعد مجاهدات وخلوات، ولنطلع على كامل أسس الطريقة وجب علينا مصاحبة الشيخ وطاعة أمره ولزوم بابه حتى يُفتح لنا قلبه وندرك فيه ما أدركه الأولون والأخرون، فنختصر الطريق كله في مقولة لشيخنا رضي الله تعالى عنه، لأنه الحديث في هذا الباب يطول ولا تكفينا أسطر لتوضيحه ولا ساعات لكتابته بل كفانا قولا أن الصحبة هي سر معرفة الطريق، يقول في مقولته المختصرة لطريقته رضي الله عنه:
“مهمة طريقتنا الشرقاوية القادرية المباركة في هذا الزمان، هي تطهير أنفاس الخلائق مع إضهار أسرار الحقائق، إلا أن الأولى لصنف العامة والثانية لصنف الخاصة، وأما الثالثة فهي الإستعداد لأمر عظيم يعلمه الله ورسوله وأوليائه”
الشيخ المربي مولاي رزقي الشرقاوي حفظه الله تعالى